القيم -رحمه الله- :
الفرق بين سلامة الصدر والبله والتغفل: أن سلامة القلب تكون من عدم إرادة الشر بعد
معرفته، فيسلم قلبه من إرادته وقصده لا من معرفته والعمل به،وهذا بخلاف البله والغفلة
فإنها جهل وقلة معرفة، وهذا لا يحمد إذ هو نقص، وإنما يحمد الناس من هو كذلك لسلامتهم
منه، والكمال أن يكون عارفًا بتفاصيل الشر سليمًا من إرادته
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
«لست بخب ولا يخدعني الخب» وكان عمر أعقل من أن يخدع وأورع من أن يخدع.
وسلامة الصدر من أسباب دخول الجنة
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنا جلوسًا مع الرسول صلى الله عليه وسلم
فقال: «يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة» فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه
قد تعلق نعليه في يده الشمال فلما كان الغد قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك فطلع
ذلك الرجل مثل المرة الأولى، فلما كان اليوم الثالث قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل
مقالته أيضًا فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم
تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص فقال: إني لاحيت أبي فأقسمت ألا أدخل عليه ثلاثًا، فإن
رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلت قال: نعم قال أنس: وكان عبد الله يحدث أنه بات
معه تلك الليالي الثلاث فلم يره يقوم من الليل شيئًا غير أنه إذا تعار وتقلب على فراشه ذكر
الله -عز وجل- وكبر حتى يقوم لصلاة الفجر، قال عبد الله غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرًا
فلما مضت الثلاث ليال وكدت أن أحتقر عمله قلت: يا عبد الله إني لم يكن بيني وبين أبي
غضب ولا هجر، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك ثلاث مرات يطلع عليك
الآن رجل من أهل الجنة فطلعت أنت الثلاث مرار فأردت أن آوي إليك لأنظر ما عملك
فأقتدي به فلم أراك تعمل كثير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال: ما هو إلا ما رأيت، قال: فلما وليت دعاني فقال: ما هو إلا رأيت غير أني لا
أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشًا ولا أحسد أحدًا على خير أعطاه الله إياه. فقال عبد
الله: هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق»